يتتبع الكاتب ظاهرة الدعاة الجدد ويحللها، ويبيّن كيف ساهمت أدوات الحداثة والتكنولوجيا في نشر أفكارهم وازدياد أعداد متابعيهم. ويتساءل عن ماهية الدعاة الجدد تحديدًا؟ وفيم يختلفون عن غيرهم من الدعاة الأزهريين؟ وما الموضوعات التي يطرحونها؟ وهل يشكل ظهورهم ظاهرة تستحق الدراسة حقًا؟ هل هم امتداد اجتماعي للإخوان المسلمين؟ أم أنهم -كما يرى البعض- دليل على فشل الجماعة؟ وهل صحيح أنهم لا يعملون بالسياسة بشكل مرحلي تجنبًا للعداء مع السلطة؟ أم أن السياسة لا تعنيهم بالأساس؟
ما هو مفهوم الدعاة الجدد؟
إنَّ أسهل تعريف للدعاة الجدد هو: أنهم ليسوا أولئك الدعاة القدماء؛ فهم ليسوا الدعاة الأزهريين الذين يلتزمون بالزي التقليدي وبلغة الخطاب التراثية القديمة، وهم ليسوا الدعاة السلفيين الذين ينتشرون في مساجد الأحياء الشعبية الفقيرة بلحى غير مهذبة وخطاب مليء بالزجر والتخويف، إنهم ليسوا أولئك ولا هؤلاء.
متى بدأ ظهور الدعاة الجدد تحديدًا؟
على عكس الاعتقاد السائد، فإنَّ ظاهرة الدعاة الجدد ليست وليدة السنوات الأخيرة في مصر. ورغم أن الظاهرة قد بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة مع تزايد أعداد الجمهور وانتشار الصالونات الإسلامية ودروس المساجد والقنوات الفضائية كوسيط إعلامي واسع الانتشار، إلّا أنَّ عمر الظاهرة يعود إلى ما قبل ذلك، وربما كانت مناقشة مجلة (روز اليوسف) في عام (2000م) لمجموعة من خطب الداعية الأكثر جماهيرية بين الدعاة الجدد (عمرو خالد) وما أعقبه من اهتمام الصحافة المصرية، ربما كان هذا ما دفع عدد من الباحثين الغربيين لاعتبار أنَّ الظاهرة بدأت مع (عمرو خالد).
ما السبب الرئيسي وراء ظهور الدعاة الجدد؟
هناك تفسيرات متعدد تحاول أن تحدد سبب ظهور الدعاة الجدد، ربما يكون أحدها أن النظام السياسي كان بحاجة لطرح نمط جديد من الدعاة الجماهيريين يسحبون البساط من تحت أقدام الجماعات الراديكالية العنيفة خاصةً وأن بعض مشاهير العلماء التقليديين مثل: (الشعراوي) و(الغزالي) كان موقفهم متفاوتًا رغم إدانتهم العنف. وهناك أيضًا التفسير الذي يقول أن الأثرياء بحاجة إلى رجل دين يحلل الثروة ويؤكد لهم أنهم يمكنهم أن ينالوا الدنيا والآخرة إذا اتبعوا خطوات معينة، بغض النظر عن طرق جمع ثروتهم.
ما هي أبرز سمات الدعاة الجدد؟
إذا اتفقنا على عدد من المعايير التي تحدد ملامح الداعية الجديد سنجد أنها تتمثل فيما يلي:
أولًا: تلقي التعليم الديني خارج المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر)، والاعتماد على التعليم المباشر والتثقيف الذاتي أو على تلقي العلم من أحد الشيوخ في حلقات العلم.
ثانيًا: الداعية الجديد هو مهني ناجح له عمل مستقل عن كونه داعية، وهو يرتدي الملابس الأوروبية، ويقدم خطابًا بسيطًا يربط الدين بالحياة والمشاكل الاجتماعية.
ثالثًا: أهم ما يميز الداعية الجديد هو جمهوره الذي يتكون معظمه من الشباب والنساء الذين ينتمون إلى الشرائح الاجتماعية الأعلى، وفي حاجة لتدين لا يحرمهم من مباهج الحياة.
ما هي الموضوعات التي تمركز حولها اهتمام الدعاة الجدد؟
تتشابه الموضوعات التي يتحدث فيها الدعاة الجدد بشكلٍ ملحوظ. وبشكلٍ عام، فإن الموضوعات كلها تدور حول الرقائق: مصطلح يرمز إلى مجموعة من المواقف المؤثرة التي تُنسب إلى الصحابة وترق لها القلوب وتجعلها أكثر استعدادًا للبعد عن الخطايا، وتحدثوا أيضًا عن الأخلاق مثل: الصبر والتواضع، والسيرة النبوية وقصص زوجات النبي؛ فكانت كلها موضوعات تتسم بالتشويق وتسعى لجذب الجمهور.
فيم يتشابه الدعاة الجدد؟ وفيم يختلفون؟
يتشابهون في طبيعة التعليم المدني والانتماءات الاجتماعية للجمهور وطبيعة الموضوعات التي يطرحونها، ويختلفون في الهدف من ممارسة الدعوة. الذين جاءوا من خلفية انتماء سياسي يهدفون إلى تغيير المجتمع من خلال تغيير سلوكيات الفرد، وهم في الغالب من الإخوان السابقين الذين قرروا أن يؤمنوا ببعض ما يقوله الإخوان وأن يكفروا بالبعض؛ فآمنوا بضرورة تغيير الأفراد ليتغير المجتمع وكفروا بالواجب السياسي. أما البعض الآخر، فقد مارس الدعوة من أجل المال وأشهر هؤلاء هو (خالد الجندي).
وفقًا لسمات الدعاة الجدد، من الذي يعد أول هؤلاء؟ وهل اهتم بالسياسة؟
إذا طبقنا هذه السمات فنحن أمام ثلاثة أجيال من هؤلاء الدعاة، وأول هؤلاء الدعاة هو الداعية السكندري (ياسين رشدي) الذي لمع نجمه بشدة بعد ظهوره في برنامج ديني على شاشة التليفزيون المصري عام (1991م). وإذا جئنا لمضمون خطابه؛ فهو لم يكن يهتم بالسياسة وكان حريصًا على أن يقدم آراءً معتدلة إذا ما قورنت بالمناخ المتشدد والممارسات الدموية التي كانت تقدمها جماعات العنف المسلح.
في البداية، كيف ظهرت البرجوازية المصرية؟
ظهرت الجذور الأولى للطبقة البرجوازية في إطار مشروع الوالي (محمد علي باشا) لتحديث مصر، وكانت تستمد مشروعيتها من المساهمات التي تقدمها لمشروع الدولة الحديثة، وكانوا يكافئون بإقطاعيات من الأراضي الجديدة المستصلحة، وألقاب حكومية كانت كافية لنقلهم من خانة المرتزقة إلى خانة الصفوة. واكتسبت البرجوازية المصرية مزيدًا من الوعي والمكاسب بعودة مشروع التحديث على يد الخديوي (إسماعيل). وبعد الاحتلال البريطاني لمصر، كانت العائلات الكبيرة تتنافس على إرسال أبنائها إلى جامعات الغرب. وكان الارتباك الأكبر للبرجوازية بعد ثورة يوليو؛ حيث ظهرت طبقة جديدة عبارة عن مزيج من العسكريين والتكنوقراط والمهنيين.
كيف غزت الاتجاهات المحافظة الكثير من الطبقات الاجتماعية وعلى رأسها طبقة الأثرياء؟
في منتصف الثمانينيات، في الوقت الذي كان مرشحو جماعة الإخوان المسلمين يكتسحون انتخابات النقابات المهنية، كان الآلاف من المصريين الذين سافروا إلى دول الخليج يعودون ليستقروا في مصر، وقد تركز معظم هؤلاء في حي الدقي والمهندسين الراقيين. وبحكم وجود جيران جدد أثرياء، فتح نادي الصيد أبوابه للعضوية مقابل رسوم مادية كبيرة. وتحالفت كتلة العضوية الجديدة مع رجل الأعمال (حسين صبور) ضد قائمة حكومية كان يرأسها رئيس نادي القضاة المصري (مقبل شاكر)، وكان (حسين صبور) قد تبرع لبناء مسجد كبير لنادي الصيد، الأمر الذي زاد من شعبيته ومنحه أصوات كتلة المحافظين؛ خاصةً وأنَّ المسجد استضاف دروس (عمر عبد الكافي) الداعية المفضل لهذه الطبقة.
كيف حلَّ (عمرو خالد) محل (عمر عبد الكافي) في مسجد نادي الصيد؟
حين مُنعَ (عمر عبد الكافي) من الخطابة، شهد مسجد النادي ميلاد داعية آخر هو (عمرو خالد) الذي صار فيما بعد شهيرًا جدًا. وبسبب الإعجاب الذي لاقاه والتأثير الذي يحظى به من أعضاء نادي الصيد؛ وجد (عمرو خالد) من يتوسط بينه وبين الجهات المعترضة عليه بسبب علاقته السابقة بالإخوان، واتفقوا أنه لا مزيد من السياسة ولا مزيد من العلاقة بالإخوان.
ما العلاقة بين ظهور الدعاة الجدد والإخوان المسلمين؟
يرى (عصام سلطان) أحد مؤسسي حزب الوسط -الخارج من عباءة الإخوان نحو مزيد من الليبرالية -أنَّ ظهور (عمرو خالد) والدعاة الجدد هو دليل فشل الجماعة التي لم يعد خطابها قادرًا على جذب الجماهير الراغبة في التدين، بل يرى أنَّ الجماعة لم تعد قادرة على استيعاب الدعاة أنفسهم. في الوقت نفسه، نجد (عصام العريان) القيادي الإخواني يقول أن سبب التفاف الناس حول الدعاة الجدد هو حالة الفراغ السياسي وكذلك الفراغ الديني.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان